سورة الضحى - تفسير تفسير البغوي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الضحى)


        


{وَوَجَدَكَ ضَالا} يعني ضالا عما أنت عليه {فَهَدَى} أي: فهداك للتوحيد والنبوة.
قال الحسن والضحاك وابن كيسان: {ووجدك ضالا} عن معالم النبوة وأحكام الشريعة غافلا عنها، فهداك إليها، كما قال: {وإن كنت من قبله لمن الغافلين} [يوسف- 3] وقال: {ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان} [الشورى- 52].
وقيل: ضالا في شعاب مكة فهداك إلى جدك عبد المطلب وروى أبو الضحى عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: ضل في شعاب مكة وهو صبي صغير، فرآه أبو جهل منصرفا عن أغنامه فرده إلى عبد المطلب.
وقال سعيد بن المسيب: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم مع عمه أبي طالب في قافلة ميسرة غلام خديجة فبينما هو راكب ذات ليلة ظلماء ناقةً إذ جاء إبليس فأخذ بزمام الناقة فعدل به عن الطريق، فجاء جبريل فنفخ إبليس نفخة وقع منها إلى أرض الحبشة، ورده إلى القافلة فمنَّ الله عليه بذلك. وقيل: وجدك ضالا ضال نفسك لا تدري من أنت، فعرفك نفسك وحالك. {وَوَجَدَكَ عَائِلا فَأَغْنَى} أي فقيرًا فأغناك بمال خديجة ثم بالغنائم.
وقال مقاتل: فأرضاك بما أعطاك من الرزق. واختاره الفراء. وقال: لم يكن غنيًا عن كثرة المال ولكن الله أرضاه بما آتاه وذلك حقيقة الغنى.
أخبرنا حسان بن سعيد المنيعي أنبأنا أبو طاهر محمد بن محمد بن محمش الزيادي، أخبرنا أبو بكر محمد بن الحسين القطان، حدثنا أحمد بن يوسف السلمي، حدثنا عبد الرزاق أنا معمر عن همام بن منبه أنه قال أخبرنا أبو هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ليس الغنى عن كثرة العرضَ، ولكن الغنى غنى النفس».
أخبرنا عبد الواحد المليحي، أخبرنا أبو عبد الله محمد بن الحسين الزغرتاني. أخبرنا أحمد بن سعيد أخبرنا أبو يحيى محمد بن عبد الله، حدثنا أبي، حدثني شرحبيل بن شريك عن أبي عبد الرحمن الحُبلَي عن عبد الله بن عمرو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «قد أفلح من أسلم ورُزق كفافًا وقنّعه الله بما آتاه».
ثم أوصاه باليتامى والفقراء فقال:


{فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلا تَقْهَرْ} قال مجاهد: لا تحقر اليتيم فقد كنت يتيمًا. وقال الفراء والزجاج: لا تقهره على ماله فتذهب بحقه لضعفه، وكذا كانت العرب تفعل في أمر اليتامى، تأخذ أموالهم وتظلمهم حقوقهم.
أخبرنا أبو بكر محمد عبد الله بن أبي توبة، أخبرنا أبو طاهر محمد بن أحمد بن الحارث، أخبرنا أبو الحسن محمد بن يعقوب الكسائي، أخبرنا عبد الله بن محمود، أخبرنا أبو إسحاق إبراهيم بن الخلال، حدثنا عبد الله بن المبارك عن سعيد بن أبي أيوب عن يحيى بن سليمان عن يزيد بن أبي عتاب عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «خَيْر بيتٍ في المسلمين بيتٍ فيه يتيم يحسن إليه، وشر بيت في المسلمين بيتٌ فيه يتيم يُساء إليه»، ثم قال بأصبعيه: «أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا». وهو يشير بأصبعيه السبابة والوسطى.


{وَأَمَّا السَّائِلَ فَلا تَنْهَرْ} قال المفسرون: يريد السائل على الباب، يقول: لا تنهره لا تزجره إذا سألك، فقد كنت فقيرًا فإما أن تطعمه وإما أن ترده ردًا لينًا، يقال: نهره وانتهره إذا استقبله بكلام يزجره.
وقال قتادة: رُدّ السائل برحمة ولين. قال إبراهيم بن أدهم: نعم القوم السُؤَّال يحملون زادنا إلى الآخرة.
وقال إبراهيم: السائل يريد الآخرة يجيء إلى باب أحدكم فيقول: هل توجهون إلى أهليكم بشيء؟
وروي عن الحسن في قوله: {أما السائل فلا تنهر}، قال: طالب العلم. {وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ} قال مجاهد يعني النبوة، روى عنه أبو بشر واختاره الزجاج وقال: أي بلغ ما أرسلت به، وحدث بالنبوة التي آتاك الله.
وقال الليث عن مجاهد: يعني القرآن وهو قول الكلبي، أمره أن يقرأ به.
وقال مقاتل: اشكر لما ذكر من النعمة عليك في هذه السورة من جبر اليتيم والهدى بعد الضلالة والإغناء بعد العيلة، والتحدث بنعمة الله شكرًا.
أخبرنا أبو سعيد بكر بن محمد بن محمد بن محمي البسطامي، حدثنا أبو الحسن عبد الرحمن بن إبراهيم بن محمد بن يحيى بن سختويه، أخبرنا عبد الله بن محمد بن الحسين النصر أبادي، حدثنا علي بن سعيد النسوي أخبرنا سعيد بن عفير، حدثنا يحيى بن أيوب عن عمارة بن غزية عن شرحبيل مولى الأنصاري، عن جابر بن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من صُنع إليه معروف فليجز به، فإن لم يجد ما يُجزي به فليثن عليهِ فإنه إذا أثنى عليه فقد شكره، وإن كتمه فقد كفره، ومن تحلى بما لم يعطَ كان كلابس ثوبين من زور».
أخبرنا أبو سعيد الشريحي أخبرنا أبو إسحاق الثعلبي، أخبرنا الحسين بن محمد بن الحسين، حدثنا أحمد بن محمد بن إسحاق، حدثنا أبو القاسم بن منيع، حدثنا منصور بن أبي مزاحم، حدثنا وكيع عن أبي عبد الرحمن يعني القاسم بن الوليد، عن الشعبي، عن النعمان بن بشير قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول على المنبر: «من لم يشكرِ القليلَ لم يشكر الكثيرَ، ومن لم يشكر الناس لم يشكر الله تعالى، التحدث بنعمة الله شكر، وتركه كفر، والجماعة رحمة والفرقة عذاب».
والسنة- في قراءة أهل مكة- أن يكبر من أول سورة {والضحى} على رأس كل سورة حتى يختم القرآن؛ فيقول: الله أكبر.
قال الشيخ الإمام الأجل محيي السنة ناصر الحديث قدوة الأئمة ناشر الدين ركن الإسلام إمام الأئمة مفتي الشرق أبو محمد الحسين بن مسعود رحمه الله: كذلك قرأته على الإمام المقرئ أبي نصر محمد بن أحمد بن علي الحامدي بمرو، قال: قرأت على أبي القاسم طاهر بن علي الصيرفي، قال: قرأت على أبي بكر أحمد بن الحسين بن مهران، قال: قرأت على أبي علي محمد بن أحمد بن حامد الصفار المقرئ، قال: قرأت على أبي بكر محمد بن موسى الهاشمي، قال: قرأت على أبي ربيعة والحسين بن محمد الحداد، وهما قرءا على أبي الحسين بن أبي بزة وأخبرهما ابن أبي بزة أنه قرأ على عكرمة بن سليمان بن كثير المكي، وأخبره عكرمة أنه قرأ على شبل بن عباد وإسماعيل بن قسطنطين، وأخبراه أنهما قرأا على عبد الله بن كثير، وأخبرهما عبد الله بن كثير- رضي الله عنهم أجمعين أنه قرأ على مجاهد، وأخبره مجاهد أنه قرأ على ابن عباس، وأخبره ابن عباس أنه قرأ على أبي بن كعب.
وأخبرنا الإمام المقرئ أبو نصر محمد بن أحمد بن علي وقرأت عليه بمرو، وقال: أنا الشريف أبو القاسم علي بن محمد الزيدي بالتكبير، وقرأت عليه بثغر حران، قال: حدثنا أبو بكر محمد بن الحسن بن زياد الموصلي المعروف بالنقاش، وقرأت عليه بمدينة السلام، حدثنا أبو ربيعة محمد بن إسحاق الربعي، وقرأت عليه بمكة قال: حدثنا أبو الحسن أحمد بن محمد بن عبد الله بن أبي بزة، وقرأت عليه قال لي: قرأته على عكرمة بن سليمان، وأخبرني أنه قرأ على إسماعيل بن قسطنطين وشبل بن عباد قال فلما بلغت {والضحى} قالا لي: كبر حتى تختم، مع خاتمة كل سورة، فإنا قرأنا على ابن كثير فأمرنا بذلك، وأخبرنا أنه قرأ على مجاهد فأمره بذلك، وأخبره مجاهد أنه قرأ على ابن عباس فأمره بذلك، وأخبره ابن عباس أنه قرأ على أبي بن كعب فأمره بذلك وأخبره أبي أنه قرأ على النبي صلى الله عليه وسلم فأمره بذلك.
وكان سبب التكبير أن الوحي لما احتبس قال المشركون هجره شيطانه، وودعه، فاغتم النبي صلى الله عليه وسلم لذلك، فلما نزل: {والضحى} كبر رسول الله صلى الله عليه وسلم فرحا بنزول الوحي، فاتخذوه سنة.

1 | 2